الارشاد الروحى

دعوة للحياة والانتصار على الموت – إني سأسكن فيهم، وأسير بينهم

دعوة للحياة والانتصار على الموت - إني سأسكن فيهم، وأسير بينهمماذا انتفعنا من أيام عشناها أحراراً من الله، مقيدين بضعفتنا، تحت سلطان شهوات القلب وتحقيق كل ما نرغبه لنتمتع وقتياً بشهوة زائلة أصابت حياتنا بالشلل، فالخطية ورغبات قلوبنا وميولنا البطالة تمتعنا لحظة أو ربما ساعة أو ساعات، وتنتهي وتُخلِّف من ورائها ضيقٌ شديد مع حزن مُدمرّ للنفس، يعقبه عار جسيم يدوم إلى الأبد، ويظل ملتصقاً بالنفس، التي تُفتش عن مخرج ولا يوجد، وتبحث عن من يقبلها كما هي ولا تجد، لأن حتى الصداقة مع الناس لا تُشبعها أو تدوم لها، لأن يستحيل يُشبع النفس سوى خالقها، وأن بحثت عن غيره تجده منقوصاً لا يستطيع أن يُشبع قلبها المحتاج للحب المتسع والذي يدوم ويظل في ازدياد ولا ينقص، وهيهات أن وجدت من يُحبها هذا الحب، فتظل تشكو وتتساءل، لماذا لا يوجد صداقة حقيقية، ولا حب صادق في هذه الحياة، وهذا كله نتاج أنها تبحث عند الناس والذين يحتاجون مثلها لنفس ذات الحب، لذلك الشكوى متشابهة والأنين مشترك بين الناس كلها أجمعين، وستظل هذه الشكوى قائمة طالما يوجد تغرب عن الله وعدم شبع حقيقي من دسم نعمته، وعدم تذوق خبرة قبلاته الأبوية على الجبين …

لذلك يا إخوتي، فلنُسرع ولا نُعطل أنفسنا ونضع ألف سؤال وسؤال ونتنظر الإجابة، كفانا ما ضاع من حياتنا في كلام ومناقشات وحوارات وأفكار وعظات وكتب ومقالات، لأنه الآن ساعة لننتبه لحياتنا ونستيقظ من غفلتنا، هاربين من الأفكار الفلسفية والعظات النظرية التي لم تعد تُأثر فينا، ولنسرع بنعمة ربنا يسوع المسيح إلى سباق الطهارة، شباباً وشباناً ورجالاً ونساءً، شيوخاً وأطفال، لنذهب لمدينة الملجأ ونرتمي في الحضن الأبوي الذي لنا في ربنا يسوع، لأن في المسيح احتضنا الآب، وصار الروح القدس يشهد لأرواحنا أننا اولاداً لله في المسيح يسوع ربنا القدوس، وأن لنا فيه حياة، لذلك علينا الآن أن نُسبح اسم المسيح الرب إلهنا بعيدين عن الشراهة في تتميم شهوات القلب وكل ميول باطل يفسدنا، لأنه يكفينا زماناً قضيناه في الفساد بعيدين عن الحياة، وعلينا الآن أن لا ننكر مجد العفة التي لنا في شخص الكلمة، لأنها إكليلنا الملائكي، وفضيلة حلوة تسمو بالإنسان وترفعه ليرى مجد الله في وجه يسوع المُنير…

لنوقَرّ أجسامنا التي يلزم أن تُضيء كالشمس (متى 13: 3). ولا نُدنس هذا الجسم العظيم من أجل لذة وقتية يزول رونقها سريعاً؛ فالخطية زائلة تدوم لساعة، أما عارها فجسيم يورط الإنسان في حمأة جحيم نفسي وفكري لا يستطيع الخروج منه أبداً، وعنه خبرة أكتب، فالخطية تُشل كل قدرة النفس وتأسرها في الشرّ وتحرسها للموت الأبدي، لذلك علينا أن نهرب الآن مُسرعين، فالرب واقف على الأبواب، يقرع على كل قلب، قرعات فيها رجاء لأنه بيديه المجروحة من أجل معاصينا يقرع على قلوبنا، علنا نسمع ونفتح ليدخل لكي ينظف النفس ويغسلها من أوساخها التي تعلقت بها، ويجددها طارداً اللصوص الذين نهبوا كل ثمين فيها، وجعلوها وكراً لهم، وجعلوها مسكناً يعم فيه الفوضى ويظهر فيه الخراب، إذ سكنت فيها وحوش الشهوة الضارية التي تحطم كل ما لها من جمال طبيعي وضعه فيها الخالق العظيم، وأوهموها أن هذه هي حالها الذي ينبغي أن ترتضي به، فزينوا لها القفص بالذهب وأسروها لحسابهم الخاص لينهكوا كل قواها ويحرسوها للهلاك…

فلنأتي الآن للرب، مُسرعين جداً ولا نُبطئ، ولا ننخدع ونظن أن هذا هو حالنا الذي لن يتغير أبداً فنرتضي به، فلنقم بثورة على أنفسنا ونهرب إلى الحياة، ولنتعطر بعطر الصلاة، ومهما ما كان حالنا وقذارتنا وفسادنا الذي فاح منا رائحته، لننطق صارخين للمنقذ الحقيقي راعي النفس ومُخلصها من الفساد، قائلين [ يا ابن داود ارحمني، أشفي لي نفسي وحيدتي، ليس لي غيرك ألجأ إليه في محنتي، كل قواي مسلوبة لحساب الموت بالخطية، أشفيني يا أيها الطبيب الحقيقي ]؛ فلنا أن لا نسكت ونظل نصرخ، متمسكين بوعده [ إني سأسكن فيهم، وأسير بينهم، وأكون لهم إلهاً، وهم يكونون لي شعباً ] (2كورنثوس 6: 16).

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى